إن النظرة الحديثة للفلاحة لا تعتبر الضيعة الفلاحية مجرد وحدة منعزلة ذات وظائف إنتاجية و أنشطة بعضها مستقل عن بعض, بل تعتبرها نظاما متكونا من جملة من العناصر دائمة التفاعل في ما بينها و تتطور وفق الأهداف التي يضعها صاحب الضيعة و عائلته حسب الإمكانيات و المؤهلات المتاحة و العراقيل أيضا. و الضيعة ليست سوى نظام عقلاني و متناسق مما يعني أن الفلاحين عموما لا يتخذون القرارات جزافا بل لهم أسباب تعلل قراراتهم. نتعرض في هذا المقال إلى بعض الممارسات الرشيدة
💢النظام المتكامل لزراعة الحبوب تتمثل الممارسات الأساسية المطبقة في اعتماد الزراعات البينية ذات الوظيفة الفلاحية الإيكولوجية, الحفاظ على الموارد المائية عن طريق استعمال الزراعات المدرة للنيترات, تحسين التحكم في عملية التخصيب عن طريق اعتماد وسائل المساعدة على أخذ القرار المتعلق بكميات المواد المخصبة و إقحام زراعة البقول مع زراعات أخرى, تنويع التداول الزراعي, و التركيز على الجانب الجيني عن طريق استعمال أصناف النباتات ذات الإنتاجية المحسنة والمقاومة للطفيليات. و لنظام الإنتاج المتكامل تأثير إيجابي على مردودية الإنتاج, التكاليف المتغيرة للإنتاج و المردودية و القيمة المضافة و الاستهلاك المباشر و الغير مباشر للطاقة, و أداء بيئي متنوع ويشمل حماية التربة ضد التعرية و نسبة المواد العضوية في التربة و استعمال و إنبات النيترات و الفسفور و مواد حماية النباتات و غاز الاحتباس الحراري و الأمونياك. 💢نظام الإنتاج المتكامل: زراعة متنوعة- تربية الماشية يساهم تكامل الأنظمة الزراعية و أنظمة تربية الماشية في التقليص من استهلاك المخصبات العضوية و الأعلاف المركزة. و يجب اعتبار تربية الماشية كمستهلك للمنتوجات الفلاحية الثانوية كالتبن و بقايا الزراعات و المناطق الهامشية غير القابلة للزراعة. و هذا التكامل بين الزراعة و تربية الماشية هو عبارة عن نموذج زراعي اقترحه المختصون في الزراعة بغية تكثيف الأنظمة الزراعية و تربية الماشية. و يقترح هذا النموذج استعمال المنتجات الثانوية لأنظمة معينة كمواد أولية لأنظمة أخرى (غذاء/ تخصيب). و تشكل مساهمة تكامل الزراعة و تربية الماشية في إنتاجية و استدامة أنظمة الإنتاج دفعا لنسق التكثيف الإيكولوجي. و من مظاهر التكامل بين الزراعة و تربية الماشية استعمال بقايا الحيوانات كسماد للتربية. و يؤثر تخزين العلف و إدراج زراعة البقول باعتبارها زراعة علفية في التداول الزراعي إيجابيا على البيئة. و يمكن الحد من شراء المواد الأولية عن طريق التقليص من كميات الأسمدة الكيميائية مقابل استخدام الأسمدة العضوية و التقليص من شراء الأعلاف مقابل تخزين و إنتاج العلف. و يساهم تكامل الزراعة و تربية الماشية في تدعيم التمشي الإيكولوجي من خلال التحكم الطبيعي في خصوبة الأرض و التحكم في السلسلة الغذائية. و تشمل إيجابيات هذا التكامل المجال الاجتماعي (تدعيم التبادل بين الضيعات, خلق مواطن الشغل...) و الاقتصادي (مستوى إنتاجية مهم, التخفيض من المواد الأولية).
⬅️تطوير نظام الزراعات البينية في الوسط و الجنوب تنتشر هذه الممارسات في جهتي سيدي بوزيد و القيروان و تتمثل في استغلال المساحات الفاصلة بين غراسات الزيتون لغراسة أشجار مثمرة أخرى (شجرة اللوز) أو البقول و الخضروات. و يعود اعتماد هذا النظام إلى الحاجة إلى تحسين نظام الزراعة الواحدة (بالأساس أشجار الزيتون) الذي يعتبر نشاطا موسميا لا يمكنه أن يوفر مواطن شغل طيلة السنة. و تساهم هذه الممارسة في تحسين الإيرادات و تثبيت التربة و التقليص من ظواهر التعرية. ⬅️تطوير نظام الخضروات السقوية مع إدراج تربية الماشية تشمل هذه الممارسة الضيعات التي تعتمد على مياه الري المتأتية من الآبار السطحية أو عن طريق الشبكات السقوية التي أنشأتها السلطات العمومية حول الآبار. و من أهم الزراعات السقوية زراعة الخضروات. و يواجه قطاع الخضروات السقوية عوائق على مستوى التسويق و هي تتمثل في نقص تنظيم مسالك الإنتاج و التسويق. و من جهة أخرى غالبا ما يقع تقليص حجم قطيع الخرفان الموجودة في الضيعات التي تمارس هذا النشاط و هو قليلا ما يتجاوز ال20 رأس. و أحيانا تضاف إلى هذا القطيع بقرة حلوب من النوع المحلي أو المختلط و هي معدة للاستهلاك العائلي. و تلعب تربية الخرفان دورا مهما في تحسين إيرادات الضيعة حيث تساهم في الاستفادة من المنتجات الثانوية للخضروات و في تمويل النشاط الفلاحي الموالي بالمال المتأتي من بيع الخرفان.
التعليقات